فصل: (الخليطان والنِّصابُ المشترك):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عمدة السالك وعدة الناسك



.[سنة التكبير]:

والتكبيرُ مرسلٌ ومقيدٌ.
فالمُرسلُ: وهوَ ما لا يتقيدُ بحالٍ، بلْ في المساجدِ والمنازلِ والطرقِ، يُسنُّ في العيدينِ مِنْ غروبِ الشمسِ ليلتيِ العيدينِ إلى أنْ يُحْرِمَ الإمامُ بصلاةِ العيدِ.
والمُقيَّدُ: هوَ ما يؤتى به عقيب الصلواتِ، يسنُّ في النحرِ فقطْ منْ صلاةِ ظهرِ النحرِ إلى صلاةِ صبحِ آخرِ التشريقِ وهوَ رابعُ العيدِ، يكبرُ خلفَ الفرائضِ المؤدَّاةِ والمقضيةِ، مِنَ المدةِ وقبلها، والمنذورةِ والجنازةِ والنوافلِ، ولوْ قضى فوائتَ المدةِ بعدها لمْ يكبّر.
وصيغتُهُ: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، فإنْ زادَ ما اعتادهُ الناسُ فحسنٌ وهوَ: اللهُ أكبرُ كبيراً إلى آخرهِ، ولوْ رأى في عشرِ ذي الحجةِ شيئاً منَ الأنعامِ فليكبّر.

.بابُ صلاةِ الكسوفِ:

هيَ سنةٌ مؤكدةٌ، ويندبُ لها الجماعةُ في الجامعِ، ويحضرُها من لا هيئةَ لها منَ النساءِ.
وهيَ ركعتانِ، وأقلُّها: أنْ يحرِمَ فيقرأَ الفاتحةَ ثمَّ يركع، ثمَّ يرفع فيقرأ الفاتحةَ ثمَّ يركعَ فيطمئنَّ، ثمَّ يسجدَ سجدتينِ، فهذهِ ركعةٌ فيها قيامانِ وقراءتانِ وركوعانِ، ثمَّ يصليَ الثانيةَ كذلكَ، ولا يجوزُ زيادةُ قيامٍ وركوعٍ لتمادي الكسوف، ِ ولا يجوزُ النقصُ لتجليةٍ.
وأكملها: أنْ يقرأَ بعدَ الافتتاحِ والتعوذِ والفاتحةِ:
البقرةَ في القيامِ الأولِ، وآلَ عمرانَ في الثاني، والنساءَ في الثالثِ، والمائدةَ في الرابعِ، أوْ نحوَ ذلكَ، ويسبحُ في الركوعِ الأولِ بقدرِ مئةِ آيةٍ منَ البقرةِ، وفي الثاني بقدرِ ثمانينَ، وفي الثالث بقدرِ سبعينَ، وفي الرابعِ بقدرِ خمسينَ، وباقيها كغيرها منَ الصلواتِ، ثمّ يخطبُ خطبتينِ كالجمعةِ، فإنْ لمْ يصلِّ حتى تَجلَّى الجميعُ، أو غابتْ كاسفةً، أوْ طلعتِ الشمسُ والقمرُ خاسفٌ، لمْ يصلِّ، ولوْ أحرمَ فتجلتْ أوْ غابتْ كاسفةً أتمَّها.

.بابُ صلاةِ الاستسقاءِ:

هيَ سنةٌ مؤكدةٌ، ويندبُ لها الجماعةُ، فإذا أجدبت الأرضُ، أو انقطعتِ المياهُ أوْ قلَّت، وعظَ الإمامُ الناسَ، وأمرهم بالتوبةِ والصدقةِ ومصالحةِ الأعداء، وصومِ ثلاثةِ أيامٍ، ثمَّ يخرجونَ في الرابعِ إلى الصحراءِ صياماً، في ثيابٍ بِذْلَةٍ، ويخرجُ غيرُ ذواتِ الهيئةِ منَ النساءِ، والبهائمُ والشيوخُ والعجائزُ والأطفالُ والصغارُ والصلحاءُ وأقاربُ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلمَ، ويستسقونَ بهم، ويذكرُ كلٌّ في نفسهِ صالحَ عملهِ ويستشفعُ بهِ، وإنْ خرجَ أهلُ الذمةِ لم يُمنعوا لكنْ لا يختلطونَ بنا.
وهي ركعتانِ كالعيدِ، ثمَّ يخطبُ خطبتين كالعيدِ، إلا أنهُ يفتتحهُما بالاستغفارِ بدل التكبيرِ، ويُكثرُ فيهما منَ الاستغفارِ والصلاةِ على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاءِ، ومن: (استغفروا ربكمْ إنهُ كانَ غفاراً) الآية، ويستقبلُ القِبلةَ في أثناءِ الخُطبةِ الثانيةِ، ويحوِّلُ رداءهُ، ويفعلُ الناسُ كذلكَ، ويبالغُ في الدعاءِ سراً وجهراً، فإن صلُّوا ولمْ يُسقَوْا أعادوها، وإنْ تأهبوا فسُقُوا قبلَ الصلاةِ صلوا شكراً وسألوا الزيادةَ.
ويُندبُ لأهلِ الخِصْبِ أنْ يدعوا لأهلِ الجدْبِ خلفَ الصلواتِ.
ويندبُ أنْ يكشفَ بعضَ بدنهِ ليصيبهُ أولُ مطرٍ يقعُ في السنةِ.
ويُسبحُ للرعدِ والبرقِ، وإذا كثرَ المطرُ وخشيَ ضررَهُ دعا برفعهِ بما وردَ في السنةِ: "اللهمَّ حوالينا ولا علينا" إلى آخرهِ.

.كتابُ الجنائزِ:

يندبُ لكلِّ أحدٍ أنْ يكثرَ ذكرَ الموتِ، والمريضُ آكدُ، ويستعد لهُ بالتوبةِ.
ويعودُ المريضَ ولوْ منْ رمدٍ، ويعمُّ بها العدوَّ والصديقَ، فإنْ كانَ ذمياً فإن اقترنَ بهِ قرابة أوْ جِوار ندبتْ عيادتهُ وإلا أبيحتْ.
ويكرهُ إطالةُ القعودِ عندهُ، وتندبُ غِبّاً إلا لأقاربهِ ونحوهم -مما يأنسُ أوْ يتبركُ بهِ- فكل وقتٍ ما لم يُنْهَ، فإنْ طمعَ في حياتهِ دعا لهُ وانصرفَ، وإلا رغَّبهُ في التوبةِ والوصيةِ، وإنْ رآه منزولاً بهِ أطمعهُ في رحمةِ الله، ووجَّههُ إلى القِبْلةِ على جنبهِ الأيمنِ، فإنْ تعذرَ فالأيسرِ، فإنْ تعذرَ فقفاهُ، ولقَّنه قولَ لا إلهَ إلا الله ليسمعها، فيقولها بلا إلحاحٍ، ولا يَقُل: قُلْ. فإذا قالها تُركَ حتى يتكلمَ بغيرها، وأنْ يكونَ الملَقِّنُ غيرَ متهمٍ بإرثٍ وعداوةٍ. فإذا ماتَ ندبَ لأرفقِ محارمهِ تغميضُهُ، وشدُّ لَحيَيْهِ، وتليينُ مفاصلهِ، ونزعُ ثيابهِ، ثمَّ يُسترُ بثوبٍ خفيفٍ، ويُجعلُ على بطنهِ شيءٌ ثقيلٌ.
ويبادرُ إلى قضاءِ دينهِ أوْ إبرائِهِ منهُ، وتنفيذِ وصيتهِ، وتجهيزهِ، فإذا ماتَ فجأةً تُركَ ليُتيقنَ موتُهُ.
وغسلُهُ وتكفينُهُ والصلاةُ عليهِ وحملهُ ودفنُهُ فروضُ كفايةٍ.

.فصلٌ [في غسل الميت]:

ثمَّ يغسَّلُ، فإذا كانَ رجلاً فالأولى بغسلهِ الأبُ، ثمَّ الجدُّ، ثمَّ الابنُ، ثمَّ الأخُ، ثمَّ العمُّ، ثمَّ ابنهُ، على ترتيبِ العصباتِ، ثمَّ الرجالُ الأقاربُ، ثمَّ الأجانبُ، ثمَّ الزوجةُ، ثمَّ النساءُ المحارمُ، وإنْ كانَ امرأةً غسَّلها النساءُ الأقاربُ، ثمَّ الأجانبُ، ثمَّ الزوجُ، ثمَّ الرجالُ المحارمُ، وإنْ كانَ كافراً فأقاربُهُ الكفارُ أحقُّ.
ويندبُ كونُ الغاسلِ أميناً، ويُسترُ الميتُ في الغسلِ، ولا يحضُرُ سوى الغاسلِ ومعينهِ، ويبخّرُ منْ أولِ غُسْلهِ إلى آخرهِ، والأوْلى تحتَ سقفٍ وبماءٍ باردٍ إلا لحاجةٍ.
ويحرُمُ نظرُ عورتهِ ومسُّها إلا بخِرْقةٍ، ويندبُ أنْ لا ينظرَ إلى غيرها، ولا يمسّهُ إلا بخرقةٍ.
ويُخرجُ ما في بطنهِ من الفضلاتِ، ويستنجيهِ ويوضئهُ، وينوي غُسْلَهُ، ويغسِل رأسَه ولحيتَه وجسدَه بماءٍ وسدرٍ ثلاثاً، يتعهدُ كلَّ مرةٍ إمرارَ اليدِ على البطنِ، فإنْ لمْ ينظفْ زادَ وتراً، ويجعلُ في الماء قليلَ كافورٍ، وفي الأخيرةِ آكدُ.
وواجبهُ: تعميمُ البدنِ بالماءِ، ثمَّ ينشِّفُ بثوبٍ، فإنْ خرجَ منهُ شيءٌ بعدَ الغُسلِ كفاهُ غَسْلُ المحلِّ.

.فصلٌ [في بيانِ الكفن]:

ثمَّ يكفنُ، فإنْ كانَ رجلاً ندبَ لهُ ثلاثُ لفائفَ بيضٍ مغسولةٍ، كلُّ واحدةٍ تسترُ كلَّ البدنِ، لا قميصَ فيها ولا عمامةً، فإنْ زادَ عليها قميصاً وعمامةً جازَ، ويحرمُ الحريرُ، وللمرأةِ إزارٌ وخمارٌ وقميصٌ ولفافتانِ سابغتانِ، ويُكرهُ لها حريرٌ ومزعفرٌ ومعصفرٌ، والواجبُ في الرجلِ والمرأةِ ما يسترُ العورةَ.
ويُبخرُ الكفنُ ويُذرُّ عليهِ الحَنوطُ والكافورُ، ويجعلُ قطناً بحنوطٍ على منافذِهِ ومواضعِ السجودِ، ولوْ طيَّب جميعَ بدنهِ فحسنٌ، فإنْ ماتَ مُحْرِماً حرُمَ الطيبُ والمَخيطُ وتغطيةُ رأس الرجلِ ووجهُ المرأةِ، ولا يندبُ أنْ يعدَّ لنفسهِ كفناً إلا أنْ يقطعَ بحلهِ، أوْ منْ أثرِ أهلِ الخيرِ.

.فصلٌ [في الصلاةِ على الميت]:

ثمَّ يُصلَّى عليهِ، ويسقطُ الفرضُ بذَكَرٍ واحدٍ دونَ النساءِ إنْ حضرهنَّ رجلٌ، فإنْ لمْ يوجدْ غيرهنَّ لزمهنَّ، ويسقطُ الفرضُ بهنَّ.
وتندبُ فيها الجماعةُ وتكرهُ في المقبرةِ، وأولى الناس بالصلاةِ أوْلاهم بالغُسلِ منْ أقاربهِ إلا النساءَ فلا حقَّ لهنَّ، ويقدمُ الوليُّ على السلطانِ، والأسنُّ على الأفقهِ وغيرهِ، فإنِ استوَوا في السنِّ رُتِّبوا كباقي الصلوات، ولوْ أوصى أنْ يصليَ عليهِ أجنبيٌّ قُدِّمَ الوليُّ عليهِ.
ويقفُ الإمامُ عندَ رأس الرجلِ وعجيزةِ المرأةِ، فإنِ اجتمعَ جنائزُ فالأفضلُ إفرادُ كلِّ واحدٍ بصلاةٍ، ويجوزُ أنْ يصليَ عليهم دُفعةً واحدةً، ويضعُهُم بينَ يديهِ بعضَهُمْ خلفَ بعضٍ هكذا إلى القبلةِ، ويليهِ الرجُلُ ثمَّ الصبيُّ ثمَّ المرأةُ، ثمَّ الأفضلُ فالأفضلُ، ولا اعتبارَ بالرِّقِّ والحريةِ، ولو جاء واحدٌ بعدَ واحدٍ قُدِّمَ إلى الإمامِ الأسبقُ، ولوْ مفضولاً وصبياً، إلا المرأةَ فتؤخَّرُ للذَّكرِ المتأخرِ مجيئهُ، ثمَّ ينوي، ويجبُ التعرضُ للفريضةِ دونَ فرض الكفايةِ، ولوْ صلى على غائبٍ خلفَ من يصلي على حاضرٍ صحَّ.
ويكبرُ أربعاً رافعاً يديهِ، ويضعُ يمناهُ على يسراهُ بينَ كلِّ تكبيرتينِ، فإنْ كبَّر خمساً ولو عمداً لمْ تبطلْ، لكنْ لا يتابعُهُ المأمومُ في الخامسةِ بل ينتظرهُ ليسلمَ معهُ، ويقرأُ الفاتحةَ بعدَ الأولى، ويندبُ التعوذُ والتأمينُ دونَ الاستفتاحِ والسورةِ، ويصلي على النبيِّ صلى الله عليه وسلمَ بعدَ الثانيةِ، ثمّ يدعو للمؤمنينَ، ثمَّ يدعو للميتِ بعد الثالثةِ فيقولُ: اللهمَّ هذا عبدُكَ وابنُ عبدِكَ، خرجَ منْ رَوْحِ الدنيا وسعتِها، ومحبوبُهُ وأحباؤهُ فيها، إلى ظلمةِ القبرِ وما هو لاقيهِ، كانَ يشهدُ أنْ لا إله إلا أنتَ وحدكَ لا شريكَ لكَ، وأنَّ محمداً عبدُكَ ورسولُكَ، وأنتَ أعلمُ به منا، اللهمَّ إنهُ نزلَ بكَ وأنتَ خيرُ منزولٍ بهِ، وأصبحَ فقيراً إلى رحمتكَ وأنتَ غنيٌّ عنْ عذابهِ، وقدْ جئناكَ راغبينَ إليكَ شفعاءَ لهُ، اللهمَّ إنْ كانَ محسناً فزِدْ في إحسانِهِ، وإنْ كانَ مسيئاً فتجاوزْ عنهُ، ولقِّهِ برحمتكَ رضاكَ، وقِهِ فتنةَ القبرِ وعذابهُ، وافسحْ لهُ في قبرهِ، وجافِ الأرضَ عن جنبيهِ، ولقِّهِ برحمتكَ الأمنَ منْ عذابكَ، حتى تبعثه آمناً إلى جنتكَ، يا أرحمَ الراحمينَ.
وحَسُنَ أنْ يُقَدِّمَ عليهِ: اللهمَّ اغفرْ لِحَيِّنا وميِّتنا، وشاهدنا وغائبنا، وصغيرِنا وكبيرِنا، وذكرنا وأنثانا، اللهمَّ منْ أحييتَهُ منا فأحيِهِ على الإسلامِ، ومنْ توفيتَهُ منا فتوفَّهُ على الإيمانِ.
ويقولُ في الصلاةِ على الطفلِ مع هذا الثاني: اللهمَّ اجعلهُ فَرَطاً لأبويهِ، وسلَفاً وذُخْراً وعظةً واعتباراً وشفيعاً، وثقّلْ بهِ موازينَهُما، وأفْرِغِ الصبرَ على قلوبهما.
ويقولُ بعد الرابعةِ: اللهمَّ لا تحرمْنا أجرَهُ، ولا تفْتِنّا بعدهُ، واغفرْ لنا ولهُ.
ثمَّ يسلمُ تسليمتينِ.
وواجباتُها سبعةٌ: النيةُ، والقيامُ، وأربعُ تكبيراتٍ، والفاتحةُ، والصلاةُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلمَ، وأدنى الدعاءِ للميتِ، وهوَ: اللهمَّ اغفرْ لهذا الميتِ، والتسليمةُ الأولى.
وشرطُها كغيرها، ويزيدُ تقديمَ الغُسلِ، وأن لا يتقدمَ على الجَنازةِ. وتكرهُ قبلَ الكفنِ، فإنْ ماتَ في بئرٍ أوْ تحتَ هدمٍ وتعذرَ إخراجُهُ وغسلُهُ لمْ يصلَّ عليهِ.
ومنْ سبقهُ الإمامُ ببعضِ التكبيراتِ أحرمَ وقرأَ وراعى في الذكرِ ترتيبَ نفسهِ، فإذا سلمَ الإمامُ كبرَ ما بقيِ، ويأتي بذِكْرِهِ ثمَّ يسلِّمُ، ويندبُ أنْ لا تُرفَعَ الجنازةُ حتى يتمَّ المسبوقُ صلاتهُ، فلوْ كبرَ الإمامُ عقيبَ تكبيرتهِ الأولى كبرَ معهُ وحصلتا وسقطَ عنهُ القراءةُ، ولوْ كبرَ وهوَ في الفاتحةِ قطعها وتابعَ، ولوْ كبرَ الإمامُ تكبيرةً فلمْ يكبرها المأمومُ حتى كبرَ الإمامُ بعدها بطلتْ صلاتُهُ.
ومنْ صلى يندبُ لهُ أنْ لا يعيدَ، ومنْ فاتتهُ صلى على القبرِ إنْ كانَ يومَ موتهِ بالغاً عاقلاً وإلا فلا. ويجوزُ أنْ يصلي على الغائبِ عنِ البلدِ وإنْ قرُبتْ مسافتُهُ، ولا يجوزُ على غائبٍ في البلدِ، ولوْ وُجِدَ بعضُ منْ تُيُقِّنَ موتهُ غُسِّلَ وكُفِّنَ وصُلِّيَ عليهِ.
ويحرُمُ غسْلُ الشهيدِ والصلاةُ عليهِ، وهوَ منْ ماتَ في معركةِ الكفارِ بسببِ قتالهمْ، فتُنزَعُ عنهُ ثيابُ الحربِ، ثمَّ الأفضلُ أنْ يُدفنَ ببقيةِ ثيابهِ الملطخةِ بالدمِ، وللوليِّ نزعُها وتكفينُهُ. والسِّقطُ إنْ بكى أوِ اختلجَ فحكمُهُ حكمُ الكبيرِ، وإلا فإنْ بلغَ أربعةَ أشهر غُسِّلَ ولمْ يُصلَّ عليه، وإلا وجبَ دفنُهُ فقط.
وليبادَرْ بالدفنِ بعدَ الصلاةِ، ولا يُنتظرُ إلا الولي إنْ قرُبَ ولمْ يُخشَ تغيرُ الميتِ، والأفضلُ أنْ يحمِلَ الجنازةَ تارةً أربعةٌ منْ قوائمها، وتارةً خمسةٌ والخامسُ يكونُ بينَ العمودينِ المقدمينِ.
ويندبُ الإسراعُ فوقَ العادةِ دونَ الخَببِ إنْ لمْ يَضُرَّ الميت، وإنْ خيفَ انفجارُهُ زيدَ على الإسراعِ. ويندبُ للرجالِ اتباعُها إلى الدفنِ بقربها بحيثُ ينسبُ إليها، ويكرهُ اتباعها بنارٍ، والبخورُ في المجمرةِ، وكذا عندَ الدفنِ.

.فصلٌ [في الدفنِ]:

ثمَّ يُدفنُ وفي المقبرةِ أفضلُ، ولا يُدفنُ ميتٌ على ميتٍ إلا أنْ يبْلى الأولُ كُلُّهُ، ولا ميتانِ في قبرٍ واحدٍ إلا لضرورةٍ، ككثرةِ القتلِ والفناءِ، ويُجعلُ بينهما حائلٌ منْ ترابٍ، وبينَ المرأةِ والرجلِ آكدٌ سيما الأجنبيَّيْنِ.
ولوْ ماتَ في سفينةٍ ولم يمكن دفنُهُ في البرِّ جُعِلَ بينَ لوحينِ وأُلقيَ في البحرِ.
وأقلُّ القبرِ ما يكتمُ الرائحةَ ويمنعُ السباعَ، ويندبُ توسيعهُ وتعميقهُ قامةً وبسطةً، واللحدُ أفضلُ منَ الشَّقِّ، إلا أنْ تكونَ الأرضُ رِخوةً فيندب الشق. ويكره في تابوت إلا أن تكون الأرض رخوة أو ندية.
ويتولاهُ الرجالُ ولوْ لامرأةٍ، وأولاهمُ الزوجُ إن صلحَ للدفنِ، ثمَّ أولاهم بالصلاةِ، لكنِ الأفقهُ مقدمٌ على الأسنِّ، عكسُ الصلاةِ، ويندبُ أنْ يكونوا وتراً، ويُغطى بثوبٍ عندَ الدفنِ، ويوضعُ رأسُهُ عندَ رجلِ القبرِ ويُسلُّ منْ جهةِ رأسهِ، ويقولُ الدافنُ: بسمِ اللهِ وعلى ملةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلمَ، ويدعو لهُ ويوسِّدُهُ لَبِنةً، ويفضي بخدهِ إلى الأرضِ، ويوضعُ على جنبهِ الأيمنِ ندباً، مستقبلَ القِبلةِ حتماً، ويُنصبُ عليهِ اللبِنُ، ويحثو من دنا ثلاثَ حثياتٍ ثمَّ يهالُ بالمساحي، ويمكثُ ساعةً بعدَ الدفنِ يلقنُهُ ويدعو لهُ ويستغفرُ لهُ، ويُرفعُ القبرُ شبراً إلا في بلادِ الحربِ، وتسطيحُهُ أفضلُ، ولا يزادُ على ترابهِ، ويُرَشُّ عليه الماء ويوضعُ عليهِ حصى، ويكرهُ تجصيصٌ وبناءٌ، وخلوقٌ وماءُ وردٍ، وكتابةٌ ومخدةٌ ومضربةٌ تحتهُ. ويندبُ للرجالِ زيارةُ القبورِ، ولا بأسَ بمشيهِ في النعلِ، ويدنو منهُ كحياتهِ، ويقولُ إذا زارَ: "سلامٌ عليكمْ دارَ قومٍ مؤمنينَ، وإنا إنْ شاءَ اللهُ بكمْ لاحقونَ"، ويقرأُ ويدعو لهم بالمغفرةِ. وتكرهُ للنساء.

.فصلٌ [في التعزيةِ]:

يندبُ تعزيةُ كلِّ أقاربِ الميتِ -إلا الشابةَ الأجنبيةَ- منَ الموتِ إلى ثلاثةِ أيامٍ تقريباً بعدَ الدفنِ. ويكرهُ الجلوسُ لها، فلوْ كانَ غائباً فقدِمَ بعدَ مدةٍ عزَّاهُ، ويقولُ في تعزيةِ المسلمِ بالمسلمِ: "أعظمَ اللهُ أجركَ وأحسنَ عزاكَ وغفرَ لميتكَ"، وفي المسلمِ بالكافرِ: "أعظمَ الله أجركَ وأحسنَ عزاكَ"، وفي الكافرِ بالمسلمِ: "أحسنَ الله عزاكَ وغفرَ لميتكَ"، وفي الكافرِ بالكافرِ: "أخلفَ اللهُ عليكَ ولا نقصَ عددكَ"، وينوي به تكثيرُ الجزيةِ.
والبكاءُ قبلَ الموتِ جائزٌ وبعدهُ خلافُ الأولى، ويحرمُ الندْبُ والنياحةُ واللطمُ وشقُّ الثوبِ ونشرُ الشَّعرِ.
ويُندبُ لأقاربِ الميتِ البُعداء وجيرانهِ أنْ يصلحوا طعاماً لأهلِ الميتِ الأقربينَ يكفيهم يومَهُم وليلتهم، ويلحُّ عليهمْ ليأكلوا، وما يفعلُهُ أهلُ الميتِ منْ إصلاحِ طعامٍِ وجمعِ الناسِ عليهِ بدعةٌ غيرُ حسنةٍ.

.كتابُ الزكاةِ:

.[وجوبُ الزكاةِ]:

تجبُ الزكاةُ على كلِّ حرٍّ مسلمٍ تمَّ ملكُهُ على نصابٍ حَوْلاً، فلا تلزمُ المُكاتَبَ ولا الكافرَ، وأما المرتدُّ فإنْ رجعَ إلى الإسلامِ لزمَهُ لما مضى، وإنْ ماتَ مرتداً فلا.
ويلزمُ الوليُّ إخراجها منْ مال الصبيِّ والمجنونِ، فإنْ لمْ يُخرجْ عصى، ويَلزمُ الصبيَّ والمجنونَ إذا صارا مكلفينِ إخراجُ ما أهملَهُ الوليُّ.
ولوْ غُصبَ مالُهُ، أوْ سُرقَ، أوْ ضاعَ، أوْ وقعَ في البحرِ، أوْ كان لهُ دينٌ على مماطلٍ، فإنْ قدرَ عليهِ بعدَ ذلكَ لزمهُ زكاة ما مضى، وإلا فلا.
ولوْ أجّرَ داراً سنتينِ بأربعينَ ديناراً وقبضها وبقيتْ في ملكهِ إلى آخرِ سنتينِ، فإذا حالَ الحولُ الأولُ زكى عشرينَ فقطْ، وإذا حالَ الحولُ الثاني زكى العشرينَ التي زكاها لسنةٍ، وزكى العشرينَ التي لمْ يزكِّها لسنتينِ، ولوْ ملكَ نصاباً فقطْ وعليهِ منَ الدينِ مثلُهُ لزمهُ زكاةُ ما بيدهِ، والدَّيْنُ لا يَمنعُ الوجوبَ.

.[الأموالُ التي تجبُ فيها الزكاةُ]:

ولا تجبُ الزكاةُ إلا في المواشي، والنباتِ، والذهبِ والفضةِ، وعُروضُ التجارةِ، وما يوجدُ منَ المعدنِ والرِكازِ، وتجبُ الزكاةُ في عينِ المالِ، لكنْ لوْ أخرجَ منْ غيرهِ جازَ، فبمجردِ حَوَلانِ الحولِ يملكُ الفقراءُ منَ المالِ قدرَ الفرضِ، حتى لوْ ملكَ مئتي درهمٍ فقطْ ولمْ يزكِّها أحوالاً لزمَهُ الزكاةُ للسنةِ الأولى فقط.
ولوْ تلفَ مالُهُ كله بعدَ الحولِ وقبلَ التمكنِ منَ الإخراجِ سقطتِ الزكاةُ، وإنْ تلفَ بعضُهُ بحيثُ نقص عنِ النصابِ لزمَهُ بقسْطِ الباقي وسقطَ بقسطِ التالفِ، وإنْ تلفَ مالهُ كلُّهُ أوْ بعضهُ بعدَ الحولِ والتمكنِ لزمهُ زكاةُ الباقي والتالفِ، ولوْ زالَ ملكُهُ في الحولِ -ولوْ لحظةً- ثمَّ عادَ إلى ملكهِ في الحولِ، أوْ لمْ يعدْ، أوْ ماتَ في أثناءِ الحولِ سقطتِ الزكاةُ.
ويبتدئُ المشتري والوارثُ الحولَ منْ حينِ ملكِ المالِ، لكنْ لوْ أزالَ ملكَهُ في الحولِ فِراراً منَ الزكاةِ فإنهُ يكرهُ، والأصحُّ أنَّهُ حرامٌ، ويصحُّ البيعُ، ولوْ باعَ بعدَ الحولِ وقبلَ الإخراجِ بطلَ في قدرِ الزكاةِ وصحَّ في الباقي.

.1 - باب صدقة المواشي:

.[شروطُ زكاةِ المواشي]:

لا تجبُ الزكاةُ إلا في الإبلِ والبقرِ والغنمِ، فمتى ملكَ منها نصاباً، حولاً كاملاً، وأسامَهُ كلَّ الحولِ لزمتهُ الزكاةُ إلا أنْ تكونَ ماشيتُهُ عاملةً، مثلَ أنْ تكونَ معدةً للحراثةِ، أو الحملِ، أو للنضحِ فلا زكاةَ فيها، والمرادُ بالإسامةِ أنْ ترعى منَ الكلأ المباحِ، فلوْ علفها زماناً لا تعيشُ دونهُ لوْ تركتِ الأكلَ سقطتِ الزكاةُ، وإنْ كانَ أقلَّ فلا يؤثرُ.

.[زكاةُ الإبلِ]:

أولُ نصابِ الإبلِ خمسٌ، فتجبُ فيها شاةٌ منْ غنمِ البلدِ وهيَ جَذْعةٌ منَ الضأنِ، وهي ما لها سنةٌ، أوْ ثنيةٌ منَ المعزِ وهيَ ما لها سنتانِ، ويجزئُ الذكرُ، ولوْ كانت الإبلُ إناثاً. وفي عشرٍ شاتانِ.
وفي خمسةَ عشَرَ ثلاثُ شياهٍ.
وفي عشرينَ أربعُ شياهٍ، فإنْ أخرجَ عنِ العشرينَ فما دونها بعيراً يجزئ عنْ خمسٍ وعشرينَ قُبلَ منهُ.
وفي خمسٍ وعشرينَ بنتُ مخاضٍ، وهي التي لها سنةٌ ودخلتْ في الثانيةِ، فإنْ لمْ يكنْ في إبلهِ بنتُ مخاضٍ، أوْ كانتْ وهي معيبةً، قُبلَ منهُ ابنُ لبونٍ، ذكراً أوْ أنثى، وهوَ مالهُ سنتانِ ودخلَ في الثالثةِ، ولوْ ملكَ بنتَ مخاضٍ كريمةً لمْ يكلّفْ إخراجها، لكنْ ليسَ لهُ العدولُ إلى ابنِ لبونٍ، فيلزمهُ تحصيلُ بنتِ مخاضٍ، أوْ يسمحُ بالكريمةِ إنْ شاءَ.
وفي ستٍّ وثلاثين بنتُ لبونٍ.
وفي ستٍّ وأربعينَ حِقَّةٌ، وهيَ التي لها ثلاثُ سنينَ ودخلتْ في الرابعةِ.
وفي إحدى وستينَ جَذَعةٌ، وهي التي لها أربعُ سنينَ ودخلتْ في الخامسةِ.
وفي ستٍّ وسبعينَ بنتا لبونٍ، وفي إحدى وتسعينَ حقتانِ.
وفي مئةٍ وإحدى وعشرينَ ثلاثُ بناتِ لبونٍ.
فإنْ زادتْ إبلُهُ على ذلكَ وجب َفي كلِّ أربعينَ بنتُ لبونٍ، وفي كلِّ خمسينَ حِقّةٌ، ففي مئةٌ وثلاثينَ حقّةٌ وبنتا لبونٍ، وفي مئةٍ وأربعينَ بنتُ لبونٍ وحقتانِ، وفي مئةٍ وخمسينَ ثلاثُ حقاقٍ، وفي مئتينِ أربعُ حقاقٍ خمسيناتٍ، أو خمسُ بناتٍ لبونٍ أربعيناتٍ.

.[جبرُ الزكاةِ]:

فإنْ كانَ في ملكهِ خمسُ بناتِ لبونٍ وأربعُ حقاقٍ لزمهُ الأغبطُ للفقراءِ، فإنْ فقدهما حصّل ما شاء منهما، وإنْ كانَ في ملكهِ أحدُ الصنفينِ دونَ الآخرِ دفعهُ، ومنْ لزمهُ سنٌّ وليسَ عندهُ صعدَ درجةً واحدةً وأخذَ شاتينِ تُجزيانِ في عشرٍِ من الإبلِ، أو عشرينَ درهماً، أوْ نزلَ درجةً ودفعَ شاتينِ، أوْ عشرينَ درهماً، ولوْ أرادَ أنْ ينزلَ أو يصعدَ درجتينِ بجُبرانينِ، فإنْ فقدَ أيضاً الدرجةَ القربى جازَ، وإنْ وجدها فلا.
والاختيارُ في الصعودِ والنزولِ للمزكي، وفي الغنمِ والدراهمِ لمنْ أعطاهُ، ولا يدخلُ الجبرانُ في الغنمِ والبقرِ.

.[زكاةُ البقرِ]:

وأولُ نصابِ البقرِ ثلاثونَ، فيجبُ فيها تبيعٌ، وهوَ ما لهُ سَنةٌ ودخلَ في الثانيةِ.
وفي أربعينَ مسنةٌ، وهي ما لها سنتانِ ودخلتْ في الثالثةِ.
وفي ستينَ تبيعانِِ، وعلى هذا أبداً في كلِّ ثلاثينَ تبيعٌ، وفي كلِّ أربعينَ مسنةٌ، فإذا بلغت مئة وعشرين فهي كبلوغ الإبل مئتين.

.[زكاةُ الغنمِ]:

وأولُ نصابِ الغنمِ أربعونَ، فتجبُ فيها شاةٌ جَذَعةُ ضأنٍ، أوْ ثنيةُ معزٍ.
وفي مئةٍ وإحدى وعشرينَ شاتانِ.
وفي مئتين وواحدةٍ ثلاثُ شياهٍ.
وفي أربعمئةٍ أربعُ شياهٍ، ثمَّ هكذا أبداً في كلِّ مئةِ شاةٌ.
وهذهِ الأوقاصُ التي بينَ النُّصُبِ عفْوٌ لا شيءَ فيها، وما نُتجَ منَ النصابِ في أثناءِ الحولِ يُزكَّى لحولِ أصلهِ وإنْ لمْ يمضِ عليهِ حولٌ، سواءٌ بقيتِ الأمهاتُ أو ماتتْ كلُّها، فلوْ ملكَ أربعينَ شاةً فولدتْ قبلَ تمامِ الحولِ بشهرٍ أربعينَ وماتتِ الأمهاتُ لزمهُ شاةٌ للنتاجِ.

.[كيفيةُ إخراجِ الزكاةِ منَ المواشي]:

فإنْ كانتْ ماشيتُهُ مِراضاً أخذَ منها مريضةً متوسطةً، أوْ صحاحاً أخذَ منها صحيحةً، أوْ بعضُها صحاحاً وبعضُها مراضاً أخذَ صحيحةً بالقسطِ، فإذا ملكَ أربعينَ نصفُها صحاحٌ، قلنا لوْ كانتْ كلها صحاحاً كمْ تساوي واحدةٌ منها، فإذا قيلَ أربعةُ دراهم مثلاً، قلنا ولوْ كانتْ كلها مراضاً كمْ تساوي واحدةٌ منها، فإذا قيلَ درهمينِ مثلاً، قلنا لهُ حصِّلْ لنا شاةً صحيحةً بثلاثة دراهمَ، ولوْ كانتِ الصحاحُ ثلاثينَ لزمهُ شاةٌ تساوي ثلاثة دراهمَ ونصفاً، ومتى قَوَّمَ الجملةَ وأخرجَ صحيحةً تساوي رُبُعُ عُشْرٍ كفى، نعمْ لوْ كانَ الصحيحُ فيها دونَ الواجبِ أجزأهُ صحيحةٌ ومريضةٌ.
وإنْ كانت إناثاً، أو ذكوراً وإناثاً، لمْ يؤخذْ في فرضها إلا أنثى، إلا ما تقدَّمَ في خمسٍ وعشرينَ عندَ فقْدِ بنتِ مخاضٍ، وفي ثلاثينَ بقرةٌ، وفي خمسٍ منَ الإبلِ، فإنهُ يجزئ ابنُ لبونٍ، وتبيعٌ، وجذعُ ضأنٍ، أوْ ثنيُّ معزٍ، وإنْ تمحَّضتْ ذكوراً أجزأهُ الذكرُ مطلقاً، لكنْ يؤخذُ في ستٍّ وثلاثينَ ابنُ لبونٍ أكثرُ قيمةً من ابنِ لبونٍ يؤخذُ في خمسٍ وعشرينَ بالتقويمِ والنِّسبةِ.
وإنْ كانتْ كلها صغاراً دونَ سنِّ الفرضِ أخذَ منها صغيرةً، ويجتهدُ بحيثُ لا يُسوِّي بينَ القليلِ والكثيرِ، ففصيلُ ستٍّ وثلاثينَ يكونُ خيراً منْ فصيلِ خمسٍ وعشرينَ، وإنْ كانتْ كباراً وصغاراً لزمهُ كبيرةٌ، وهوَ سنُّ الفرضِ المتقدمِ.
وإنْ كانتْ معيبةً أخذَ الأوسطَ في العيبِ، وإنْ كانتْ أنواعاً كضأنٍ ومعزٍ أخذَ منْ أيِّ نوعٍ شاءَ بالقسطِ، فيقالُ: لوْ كانتْ كلُّها ضأناً كمْ تساوي واحدةٌ منها ... إلى آخرِ ما تقدمَ.
ولا تُؤخذُ الحاملُ، ولا التي ولدتْ، ولا الفحلُ، ولا الخيارُ، ولا المسمَّنةُ للأكلِ، إلا أنْ يرضى المالكُ.

.[الخليطان والنِّصابُ المشترك]:

ولوْ كانَ بينَ نفسينِ منْ أهلِ الزكاةِ نصابٌ مشتركٌ منَ الماشيةِ أوْ غيرها مثلَ أنْ ورثاهُ، أو غيرَ مشتركٍ بلْ لكلٍّ منهما عشرونَ شاةً مثلاً مميزةً، إلا أنهما اشتركا في المُراحِ والمسْرَح والمرعى والمشْرَبِ وموضعِ الحلبِ والفحلِ والراعي، وفي غيرها -منَ الناطورِ والجَرين والدكان ومكانِ الحفظِ- زكّيا زكاةَ الرجلِ الواحدِ.

.2 - باب زكاة النباتِ:

لا تجبُ الزكاةُ في الزرعِ إلا فيما يُقتاتُ منْ جنسِ ما يستنبتهُ الآدميونَ وييبسُ ويُدّخرُ، كحنطةٍ وشعيرٍ وذرةٍ وأرزٍ وعدسٍ وحمصٍ وباقلا وجُلبانٍ وعَلَسٍ، ولا تجبُ في الثمارِ إلا في الرُّطبِ والعِنبِ، ولا تجبُ في الخضراواتِ ولا الأبازيرِِ مثلِ الكمونِ والكزبرةِ، فمنِ انعقدَ في ملكهِ نصابُ حبٍّ، أوْ بَدَا صلاحُ نصابِ رطبٍ أوْ عنبٍ لزمتهُ الزكاةُ، وإلا فلا.

.[نصابُ الزروع والثمار]:

والنصابُ أنْ يبلغَ جافاً خالصاً منَ القشرِ والتبنِ خمسةَ أوسقٍ، وهوَ ألفٌ وستمئةِ رطلٍ بغداديةٍ، إلا الأرزَّ والعَلَسَ، وهوَ صنفٌ منَ الحنطةِ يُدَّخرُ معَ قشرهِ، فنصابُهُما عشَرَةَ أوسقٍ بقشْرهما، ولا تُخرجُ الزكاةُ في الحبِّ إلا بعدَ التصفيةِ، ولا في الثمرةِ إلا بعدَ الجفافِ. وتُضمُّ ثمرةُ العامِ الواحدِ بعضها إلى بعضٍ في تكميلِ النصابِ، حتى لوْ أطلعَ البعضُ بعدَ جداد البعضِ لاختلافِ نوعهِ أوْ بلدهِ، والعامُ واحدٌ والجنسُ واحدٌ، ضمَّهُ إليهِ في تكميلِ النصابِ.
ويُضمُّ أنواعُ الزرعِ بعضُهُ إلى بعضٍ في النصابِ إنِ اتفقَ حصادُهُما في عامٍ واحدٍ.
ولا تُضمُّ ثمرةُ عامٍ أوْ زرعُهُ إلى ثمرةِ عامٍ آخرَ أوْ زرْعهِ، ولا عنبٌ لرُطَبٍ ولا بُرٌّ لشعير.
ثمَّ الواجبُ العُشرُ إنْ سُقيَ بلا مؤنةٍ كالمطرِ ونحوهِ، ونصفُ العشرِ إنْ سُقيَ بمؤنةٍ كساقيةٍ ونحوها، والقِسطُ إنْ سُقيَ بهما، ثمَّ لا شيءَ فيهِ وإنْ دامَ في ملكهِ سنينَ.